02 أبريل 2020 3036 0  

طيب، زي ما انتم غالبا قريتوا عني،انا النموذج التقليدي للأم اللي قاعدة في البيت. قبل ما أخلف أولادي،كنت علي علم بالمدارس والطرق المختلفة للتربية، لأن كان عندي أخت أصغر مني بكتير وكنت مسئولة عنها وعرفت ان الموضوع مش سهل ابداً. وبعدين بعد ما حملت ،بدأت أقرا كتاب دكتور سبوك عن ازاي تربي ابنك  وازاي تخليه يسمعك وازاي تقوي علاقتك بأولادك وتخلق لهم بيئة محبة وآمنة. كنت بحاول اعرف ازاي معملش نفس الغلطات الي عملتها أمي،وأمهات كتير، هما فعلاً علمونا كويس جداً،وربونا علي الأخلاق واحترام النفس، بس كان دايماً فيه حتة ناقصة فيما يتعلق بارتباطنا بيهم،أو انهم يعلمونا ازاي نحب نفسنا ونقدرها،ازاي منحتاجش ناس حوالينا عشان نحس أننا كويسين.متفهمونيش غلط،أنا مش بلوم أمي،هي فعلاً عملت كل اللي تقدر عليه،ودلوقتي بعد ما بقيت أم فهمت أكتر.اللي عاوزة أقوله اني حاولت أعرف كل المفاتيح والطرق اللي تخليني أقدر أربي طفل  متزن عاطفياً،طفل ناجح في حياته.بحثت وقريت،كتبت ملاحظات،حمَلت كتب وفيديوهات علي موبايلي.كنت محضرة نفسي كويس لأني ابقي الأم المثالية للطفل المثالي،أو كنت فاكرة كدة.

بعد ما ولدت طفلي الأول،الموضوع كان صعب فعلاً،بجد اللي شاف غير اللي سمع،أيام وأيام من غير نوم،كمية شغل بيت مش معمول مش معقولة،حاجات متعطلة،صداع،احباط،ووحدة.أوحش حاجة في أول كام شهر في الأمومة كانت الوحدة،احساس انك لوحدك في الموضوع ده،انتي اللي لازم تعرفي تعملي ايه لأن محدش هيقدر يعملها بدالك.أيوة،الأمومة لأول مرة صعبة بجد،بس تستاهل كل لحظة تعبتي فيها.

وبغض النظر عن المجهود الجسدي والعقلي اللي بتعمليه، أول كام شهر في حياة البيبي الجديد مش بتحتاج مجهود في التربية،لأن كل اللي محتاجة تعمليه في الفترة دي عشان تترابطي مع ابنك هي انك تحضنيه،تكلميه وتحسسيه بالأمان والحب. حاجة انتي بتعمليها لوحدك لأنه بجد جميل وانتي بتكوني عاوزة تخليه في حضنك طول الوقت.

التحديات الحقيقية بتيجي بعد كدة،من وقت بداية المشي لحد المراهقة.في حالتي دي أنا حملت في بنتي وولدتها علي عيد ميلاد ابني التاني. الوضع كان فوضوي بمعني الكلمة ساعتها،مفيش وقت لأي حاجة،مفيش وقت لنفسي،لحياتي الاجتماعية،لشغلي اللي كنت ابتديته ،ولا حاجة.اليوم كان بيبتدي ويخلص من غير أي انجاز يذكر،كل اللي كنت بعمله اني أأكل ،أحمَي ،أغسل،أطبخ وأجري ورا ابني عشان ميأذيش أخته.مكانش فيه وقت لحياتي الزوجية،مفيش وقت أقرا فيه لأولادي،ولا العب معاهم،أتكلم معاهم.:كنت بحاول بس أعدي اليوم من غير أي خسائر،مكنتش بعمل أي حاجة تانية.

واكتشفت ساعتها انه مع اني عارفة كل الحاجات اللي أنا محتاجة أعملها،مكتتش بقدر أعملها، سواء عشان أنا حقيقي مكنش عندي وقت أعملها،أو لأني كنت تعبانة ومحبطة فمش قادرة أعملها. 

ودلوقتي بعد ما أولادي بقوا 8 و6 سنين،أكتشفت أنه عشان تقدري تدي أولادك كل الحاجات الي أنتي عاوزة تديهالهم في الحياة،لازم تشتغلي بجد وتجري طول اليوم،وبرضه متخلصيش كل الحاجات الي محتاجة تخلصيها.أكتشفت كمان انه إذا كنتي أنتي لوحدك اللي بتعملي كل حاجة متعلقة بأولادك،من الصعب جداً انك تبقي هادية معاهم. أنا جوزي بيرجع من الشغل بالليل،وبينزل الصبح بدري،وبالطريقةدي كل اللي بقدر يعمله مع الأولاد أنه يلعب معاهم،بس كدة.

ولقيت نفسي واقفة،كل نظرياتي وأمالي في ناحية،وحياتي الحقيقية في ناحية تانية. حسيت لوقت طويل أني أم وحشة،عشان مقدرتش  أدي أولادي كل الحاجات اللي كان نفسي أديهالهم،عشان مبقدرش ألعب معاهم كتير،أو اتعامل معاهم بهدوء أكتر.لكن بعدها قعدت مع نفسي كتير، ووصلت لنتيجة أني بحب أولادي،بحبهم فعلاً،وهما عارفين أنهم محبوبين،أنا بقول لهم اني بحبهم مرات كتيرة في اليوم.ببوسهم وأحضنهم ،بتكلم معاهم في أي حاجة وكل حاجة.بقبلهم زي ما هما،بخليهم يكونوا علي طبيعتهم .بربيهم علي  الأخلاق، الرحمة وتقبل كل اللي مختلفين عننا.يمكن بفشل في حاجات تانية كتير متعلقة بيهم،بس لو ولادي كبروا وطلعوا كدة بس،طيبين،رحيمين  ومتقبلين للغير،ده كفاية جداً بالنسبة لي.كدة هكون أديت وظيفتي كأم علي أحسن وجه.

فلو  انتي كنتي زيي دلوقتي، من فضلك خدي نفس عميق وبصي علي أولادك الحلوين دول،لو كانوا طيبين ورحيمين  بالغير،يبقي أنتي عملتي حاجة عظيمة.تجاهلي كل التعليقات السلبية الي بتقولهالك الأمهات التانية عن ازاي تكوني أم أحسن،وأفتخري بنفسك. لأن تصرف واحد بس من الطيبة ممكن يغير العالم .