الجوستينج والشبحية في العلاقات
“قبل شهر، التقيت بمحمد وأخبرني بأنه يشعر بانجذاب وإعجابِ لي. تحدث كثيرًا عن كيف يراني جميلة، كيف يراني رقيقة و"بنوتة أوي" بحسب وصفه، وبأنه رغم أي اختلافات، فإنه يؤمن بالرابطة الروحية التي بيننا وبأنه يريد أن يكن قريبًا مني بشكل أفضل، ومن بين الناس، اختارني لأقضي معه يوم عيد ميلاده، كان يومًا رائعًا! أكلنا وشربنا القهوة وحكينا كثيرًا. شعرت بأن حديثنا صادقًا لدرجة أنني تمنيت لو توقف الوقت." هكذا تحكي سلمى، 23 سنة، عن رجلًا يدعى محمد (اسماء مستعارة) دخل حياتها منذ ما يقارب الـ 8 شهور وبدأ في خطو خطوات أقرب لها، لكنهما كانا لازالا لا يعرفان بعضهما بالشكل الكافي.
تابعت سلمى: "راسلني محمد في اليوم نفسه في اللحظة نفسها التي تركته فيها بعد هذا اليوم، وقال: (شكلك كان حلو أوي كنتي بجد رقيقة وجميلة، أنا مبسوط إني قضيت اليوم ده معاكي، لما تروحي كلميني) بالطبع كنت سعيدة، وكنت أعيش لحظات لا استطيع شرحها، بعد ذلك، بدأ محمد في الاختفاء ثم العودة من جديد قائلًا (كنت مشغول، كنت مسحول، مافضيتش خالص) يغيب بالأيام والأسابيع ويعود قائلًا (وحشتيني، فاضية اتصل بيكي؟ محتاجك معايا النهاردة)"
تحكي سلمى أنها دخلت في مشاعر لا نهائية من الاكتئاب، ونوبات متتابعة من القلق والحزن وجلد الذات والاسئلة التي لا تنتهي. أيام يكون موجودًا بالساعات، يحكون ويتشاركون قصص يومهم، وأيام أخرى يكون بعيدًا كل البعد لدرجة أنها كانت تخجل أن تراسله بكلمة واحدة (إزيك؟) بحسب وصفها، وأيام يتجاهل رسائلها بالكامل.
كيف بدأت الشبحية في العلاقات؟
وقعت كما وقع الكثيرون في العلاقات الشبحية أو الـ Ghosting التي وكأنما يتشكل الطرف الآخر كالشبح في حياتك، موجود وغير موجود، يحبك ويؤلمك في اللحظة نفسها. المصطلح نفسه جديد نسبيًا ويستخدم كثيرًا مؤخرًا، لكنه تكتيك نفسي يستخدمه العديد من الناس منذ قديم الأزل. لكن الآن ومع سيطرة "السوشيال ميديا" على معظم جوانب حياتنا وعلى طرق تواصلنا، بات الأمر أصعب وتأثيره أقوى.
يحكي محمود، 25 عامًا (اسم مستعار) أنه تعرف إلى فتاة من على السوشيال ميديا ثم تطورت علاقتهما والتقوا في الواقع عدة مرات، كان مهتمًا بها حقًا، لكنه لم يكن متأكدًا إذا كانت تبادله نفس الاهتمام. يقول إنها كانت تتحدث كثيرًا عندما تريد ذلك، تحكي عن أسرارها ومشاعرها، تشاركه كثيرًا من يومها، وأوقات أخرى تختفي وتتجاهل رسائله أو ترد قائلة "ماشية الدنيا" عندما يسألها "عاملة ايه وفينك؟" أو تنسحب من السوشيال ميديا بالكامل بدون تمهيدات، وأنها أحيانًا تكون متحمسة للقائهما، وفي أحيانِ أخرى كانت تلغي خططهم في آخر دقيقة دون إعطاء أسباب مقنعة.
يتابع محمود: أوقات أشعر وكأنني أغلى إنسان في حياتها، فهي تعتاد على قول الكثير من الكلام اللطيف والمجاملات الرقيقة التي أحبها، وأوقات أخرى أشعر بأنني لا شئ أبدًا.
كيف يشعر ضحايا الشبحية في العلاقات؟
تقول روان، 23 عامًا: "أنا شخصية قلوقة بطبعها، أفكر كثيرًا في كل شئ. لا احتاج سوى القليل من الكلمات المطمئنة حتى استطع المضي قدمًا. اعتقد أنني تعرضت للجوستينج من شخص اقتربنا كثيرًا مؤخرًا، كان لطيفًا، ودودًا، يتعامل معي بأسلوب رائع، يعبر كثيرًا عن كم أعني له. ثم يختفي لأيام عديدة وكأني لم أكن موجودة من قبل. وبينما هو بعيدًا جدًا، تأتيني هجمات قلق وكأنها تشل بدني وعقلي. لا استطيع النوم واتعرض للكوابيس، لا استطيع التركيز في عملي، لا استطيع عمل أي شئ سوى التفكير بينما عقلي يعمل بقسوة ويتسائل اسئلة لا أجد إجابات لها: هل أنا كافية؟ (ايه اللي عملته غلط؟) هل هذا بسبب أنني لست جميلة؟ هل ملً مني؟ ماذا تعني كلماته؟ متى سيعود ونتحدث من جديد؟"
تابعت روان: "كان الأمر الأكثر قسوة وألمًا لي، هو أنني كنت أتمنى أن أشاركه شيئًا أو أحكي له كيف كان يومي ولم استطع. أصبح الأمر وكأنني بدأت افقد احترامي وتقديري لنفسي، هل حقًا أعيش كل هذا في انتظار كلمة أو ماسدج منه؟".
هكذا، يشعر ضحايا الشبحية بانعدام الأمان، التفكير المفرط، خلق الكثير من الاحتمالات، وأخيرًا يتسائلون بعض الاسئلة التي تتعلق بحب الذات والقبول من البشر بشكل عام.
لماذا يمارس الناس أسلوب الشبحية؟
في وجهة نظري، إذا لم تحدث للطرف الآخر مصيبة -لا قدر الله-، إذًا فليست هناك مبررات للاختفاء وترك أناسًا يعانون آلامًا لا تنتهي دون تبرير أو دون تمهيد -على الأقل-.
- بعض الناس ينهون علاقاتهم بهذه الطريقة اعتقادًا بأن الطرف الآخر سيفهم ما يجب عليه فهمه دون حديث، وقد يكونوا تخطوا العلاقة بالفعل دون الاهتمام بالكلام مع الطرف الآخر.
يحكي طارق، 26 عامًا: "أعتقد أنني تعاملت بأسلوب الشبحية مع فتاة ولكن دون وعي لي بذلك، في البداية حقًا كنت مهتمًا بها لأقصى درجة وكنت أحب الكلام معها ومشاركتها أشياء من الماضي وأشياء من الحاضر وأشياء عن أحلامي المستقبلية، لكني لاحقًا لم أعد مهتم بها الاهتمام ذاته الذي كنت أشعر به من قبل. وبالطبع لم استطع قول هذا ولم أرد جرحها أو كسر قلبها، بدأت في تقليل حديثي، لم أعد مهتمًا بكلامها وأوقات كنت أترك رسائلها معلقة في الإنبوكس، ثم أعود حينما أكون متفرغًا لأسئلها عن حالها حتى لا تشعر بمشاعر سيئة، لم أدرك بأنني أفعل العكس تمامًا."
- بعض الناس بينما يشعرون بأنهم اقتربوا كثيرًا من أشخاص معينة، يشعرون بالقلق ويقررون خطو خطوة للخلف.
ماذا تفعل إذا تعرضت للشبحية؟
الجوستينج هو عقاب قاسِ، واعترافًا حقيقًيا ومؤلمًا بالرفض. فبعض الناس تنهي علاقاتها بمقابلة وبحديث راقٍ، بعض الناس تنهيها برسالة نصية قائلين في نهايتها "أتمنى لك التوفيق"، وبعض الناس تترك الطرف الآخر دون حتى كلمة، وهذا هو الأسوأ، فكيف نكون بالأمس سويًا نعيش أجمل لحظات حياتنا، واليوم أنت غير موجود ولا استطيع اسأل عن حالك حتى لا تجرح كرامتي وكبريائي.
لا أنكر أنني تعرضت لهذا النوع من النهايات، الأتعس والأقسى والأكثر ألمًا. لكنني استنتجت بعض الأشياء حتى لا أدع نفسي تعيش ذلك مجددًا.
إذا تظن أنك تتعرض للتلاعب وأسلوب الشبحية، يمكنك وضع الأفكار التالية في الاعتبار والتعامل على أساسها:
- تأكد أن الطرف الذي اختفي فجأة، أنه لم تحدث له أزمة أو كارثة حالت بين حديثكما.
- تأكد جيدًا إذا تكرر الأمر عدة مرات.
- لا تفكر في أنك أنت السبب أو أنك تعاني مشكلةِ ما.
- لا تحاول التعلق بالذكريات، الأغاني، أو الصور.
- لا تحاول معرفة أخبار الطرف الأخر.
- حافظ على احترامك لنفسك وكرامتك وكبريائك وضعها في أولويتك.
- لا تنتظر أن يتغير هذا الشخص إلا إذا قام بأفعالًا تبرر هذا التصرف.
- اعلم أن -غالبًا- تصرف هذا الشخص، يعبر عن تصرفاته حينما يقع في مشكلة جدية.
- تقبل الأمر من داخل قلبك. سيكون مؤلمًا في البداية، لكنك لاحقًا ستتقبله وستمضي قدمًا في حياتك.
مقالات ذات صلة

قواعد و أسلوب كل امرأة عاملة
2131 0رضيتي او لا، نجاحك مرتبط الي حد ما بمظهرك في الشغل. لو "شكلك" مش احترافي وارد جدا يستخفوا بيكي في ال...

في اليوم العالمي للتوعية بمرض السكر..حاجات مهمة لازم نعرفها عن المرض
233 0النهاردة اليوم العالمي للتوعية بمرض السكر، اللي غالبًا في كل عيلة لازم بنلاقي حد مصاب بالمرض ده، لإن...

جسمى بيتكلم (2)
390 0حابه النهاردة أكمل معاكوا رحلتى ف السمع ل جسمى، اتفاجئت من جسمى بعد ما بقى يطلب أكل معين كان رفضه سن...

التروما والاضطرابات الجنسية
537 0<<الليلة واللي فيها>> مسلسل جديد من إنتاج شاهد بطولة زينة، أبيوسيف، علاء مرسي، محمد شاهين وسماح أنور...
شكراً لك
شكرا علي تفاعلكم معنا. هنراجع الكومنت و ننشره خلال ٢٤ ساعة.
The form contains errors