11 يونيو 2020 1317 0  

بما ان رمضان عدي علي خير، آن اوان اننا نتكلم عن هوجة برامج المقالب...الحقيقة معرفش ايه علاقة برامج المقالب بالشهر الفضيل، زمان كانت الفوازير وألف ليلة ولية هما الي بيميزوا رمضان. وفجأة برامج المقالب دخلت الصورة وتصدرت الموقف.

الحقيقة أنا بتفرج علي برامج المقالب من زمان أوي، غالباً من أيام لما كان فؤاد المهندس بيقدمها. صحيح أنا عمري ما أخترت اني اتفرج عليهم،يعني عمري ما استنيتهم أو دورت عليهم. لكن كان دايماً أهل البيت هما الي بيقرروا يتفرجوا عليهم وبالتالي كنت بتفرج معاهم. وبعد ما اتجوزت بقيت بتفرج عشان جوزي عاوز يتفرج، وحالياً ولادي أنضموا للقايمة.

حتي لما بنتعزم برة، في حد دايما بيختار اننا نتفرج عليها، وبالتالي بتفرج أنا كمان معاهم..

والحقيقة برضه أنا عمري ما أقتنعت أن الناس مبتكونش عارفة ان ده مقلب. أصل أنا ليا تجربتين تلاتة مع البرامج والمسلسلات لما كنت صغيرة وأعرف أن الموضوع فيه معدات صوت وإضاءة، وغلطات وإعادات، ده غير الكاميرات طبعاً، اللي لو ممكن تستخبي دلوقتي كان صعب أوي تستخبي زمان. بس  ساعتها كنت بفكر انه حتي لو متفقين مع ضحايا المقالب الي غالباً كانت بتكون خفيفة الظل ومقبولة، فهي كانت حاجات مش مؤذية، وأهي الناس بتضحك وخلاص.

وبعدها الموضوع اتطور شوية، وأخد اتجاه تاني، بدل المقالب ما كانت بتتعمل في الناس العادية  بس بقت تتعمل في الفنانين كمان، من ايام حسين الإمام الله يرحمه ومديحة حاتم (بدرية طلبة). وبرضه ساعتها كنت بستغرب انهم يكونوا مش عارفين، لأنهم جزء من الصناعة وعارفين تفاصيلها. بس كان الموضوع برضه محتمل فكنت برضه بقول أهي سبوبة للنجوم الي أكيد مش محتاجين ياكلوا منها عيش، وخلي الناس تنبسط.

لكن  في الكام سنة الأخيرة فجأة الموضوع اتطور أكتر وبقي كبير. بدل برنامج مقالب واحد بقوا اتنين وتلاتة واربعة، وبدل ما كانت المقالب خفيفة ومضحكة بقت مقالب مزعجة وخطيرة و مهينة. و بقي فيه مقالب علي أدها للمواطنين، ومقالب تانية  بتتفصل مخصوص لللفنانين ونجوم الكرة والمذيعين. وبيترصد لها انتاج ضخم يفوق أحياناً  انتاج المسلسلات، معدات وتكنولوجيا و سفر برة، وميكب أرتيستس عالميين، وعدد لا يستهان به من النجوم والفنانين اللي بياخدوا مبالغ خرافية عشان يقبلوا يطلعوا في البرامج الوهمية الي بيتعمل من خلالها المقلب. والمقالب اتحولت من مواقف محرجة أو ظريفة لسلسلة لا نهائية من بهدلة الفنان أي كان سنه وقامته وهيبته. وكأن القائمين علي البرامج دي فجأة أكتشفوا أن الناس أقصي امانيها انها تشوف الفنان المفضل ليها أو غير المفضل وهو مبلول ومنكوش وبيصرخ، أو بالنسبة للفنانات مكياجها سايح وشكلها عامل زي أمنا الغولة. ده غير كم الألفاظ الي طبعا بيتغطي عليها بالتيت الشهيرة مع انها ممكن تتمنتج عادي. وكأنهم قاصدين أنهم يعرفونا أن النجوم الي انتوا شايفينهم بيلمعوا و راقيين ومنورين ميتخيروش عن أي حد من الشارع في خناقة. والغريب بجد أن الناس بدل ما يستهجنوا الموضوع ده، بيقعدوا يخمنوا الشتيمة اللي تحت التيت دي كانت ايه، وكأنهم فرحانين أن مفيش حد أحسن من حد...حاجة غريبة والله!

بس الأغرب بجد أن البرامج دي تستمر كل السنين دي، ومش بس تستمر..دي زادت جداً برغم الانتقادات الكتير اللي بتتوجه ليها والقضايا اللي بتترفع عليها.

وعشان كل حاجة لازم تتطور، كان التطور الطبيعي بعد تهزيق الفنانين وبهدلتهم وتخويفهم هو التنمر عليهم...من أول        لبسهم وتسريحة شعرهم مروراً بطريقة مشيهم والتريقة علي طريقة كلامهم ومفيش داعي واحنا قاعدين نتكلم عن حالتهم الاجتماعية أو مشاكل وظروف معينة في حياتهم. اتجوزوا كام مرة، عينيهم زايغة ولا لا، عاملين مشاكل مع مين...ما الناس بتموت في الفضايح، وكله عشان الفيوز! وكأن الفنان ده فجأة اتحول لميمون اللي كان القرداتي بيربطه من ايده ويحزمه ويلم الناس عليه ويرقصه، بعدين يلم الفلوس والناس ملمومة حواليه بتضحك وبتدفع فلوس للي بيعذبوه. نفس الناس الي بتدفع فلوس عشان تشوف القرد وهو بيعمل عجين الفلاحة ونومة العازب، هي اللي بتجري دلوقتي تفتح التليفزيون عشان تلحق البرنامج.

المحير في الموضوع بجد هو الفنان أو الفنانة اللي بيوافقوا  يظهروا في البرامج دي. بيرضوا يتبهدلوا ويتهزأوا ويتنكشوا ويطلعوا أسوأ ما فيهم، مهما كان المقابل. لأنه بغض النظر عن هيبتهم اللي بتروح تماماً، واحترام الجمهورليهم اللي طبيعي يتاثر بعد ما يسمعه بيشتم بالمنظر ده وأما يشوفه بيقبل بالاهانة دي كلها مقابل الفلوس وهما كمان عارفين أنهم مش محتاجين وعندهم فلوس اد كدة، سيبك من كل ده، منظرهم ايه ادام أولادهم وهما بيسمعوا اهانتهم بالطريقة دي بودانهم؟ منظرأولادهم ايه ادام زمايلهم وهما شايفين أهاليهم بيقبلوا بالتنمر ويضحكوا ويقولوا استنونا في رمضان؟ لما زمايلهم يقلدوا الشتايم والاهانات الي بتتوجه لأهاليهم هيصدوهم ازاي؟ أي كان المقابل( اللي أنا حقيقي مش قادرة اصدق انه الفلوس) مش ممكن يكون يستحق أن صورة الفنانين دي تتهز ادام أولادهم. ده البني ادم بيستحمل بهدلة الشغل وتعبه وقرفه ويدعي ربنا انه يرزقه عشان ميتبهدلش ويتهان. وساعات كتير برغم أحتياجه الشديد للمرتب بيمشي ويسيب الشغل عشان ميقبلش أبداً انه يتهان، والأرزاق علي الله. الموضوع محتاج دراسة وتوضيح من علماء النفس وعلماء الاجتماع.

أما الحاجة التانية اللي فعلاً محيراني، هو ليه قناة بحجم أم بي سي وقيمتها وتاريخها تتبني البرامج دي واللي وصلت السنة دي لتلات برامج مقالب علي قناة واحدة، واحد قبل الأذان مباشرة وواحد بعد الأذان مباشرة وواحد بعدها بكام ساعة! والتلاتة ميتخيروش عن بعض في المحتوي المبتذل والمتفبرك والتنمر علي البني ادمين. واللي زاد عليهم كمان السنة دي التعدي علي الحيوانات، والي انا الحقيقة مش شايفة فيه أي كوميديا! ومش فاهمة ازاي ادارة القناة تسمح بالتعدي الصريح ده علي حقوق الحيوان. طب الفنانين وبيقبلوا اللي بيحصل فيهم، انما الحيوانات المسكينة دي ذنبها ايه تترمي وتنضرب، عشان الناس تضحك؟ محدش بيضحك...

للأسف البرامج دي متقلش خطورة عن أفلام محمد رمضان اللي الناس بتطالب بمنع انتاجها لأنها بتأثر علي المجتمع. الخطر مش بس في أن الناس تشوف ممثل بيمارس البلطجة او بياخد مخدرات وبيقتل أي حد يزعله، الخطر الأكبر انهم يشوفوا الممثل بيتنمر علي الناس وبيرهبهم ويبهدلهم وفي الاخر يضحكوا وعادي. والأخطر انهم يشوفوا أهاليهم بيضحكوا علي التنمر علي الناس وفي نفس الوقت يطلبوا منهم يتقبلوا الآخر وميتنمروش عليه! والدولة بتعملهم حملات لا للتنمر ومع ذلك بتسمح باذاعة برامج بتشجع التنمر وتروج له علي انه حاجة حلوة ومضحكة.

أعتقد أننا محتاجين وقفة حقيقية ضد البرامج دي، اللي في ظني مش هتخلص الا لما تحصل حادثة أليمة تضطر المجلس الأعلي للأعلام انه يمنعها والقانون انه يجرمها. وبما أن الوقاية خيرٌ من العلاج زي ما بيقولوا وقبل ما تحصل الحادثة الأليمة، أتمني  أن المنتجين يعيدوا التفكير في انتاج البرامج دي ولو حابين تجمعوا النجوم وتنكشوهم وتبهدلوهم أعملولهم برامج مسابقات زي تيلي ماتش بتاعت زمان ولا زي stars beat the  اللي يوم ما نفذتوه عملتوه كله للسقا! يمكن عشان ملحقش يعمل مسلسل السنة دي، و الي بيروح ربحه للمؤسسات الخيرية اللي انتوا بتذيعوا اعلانتها  في وسط برامج المقالب اللي بيتصرف عليها ملايين.